معظم ما كتب عن مشاكل الأقباط هو كشف ظاهري على جسد الوطن المريض، لكن ما كتبه شمعي أسعد في كتابه «حارة النصارى» هو بمثابة أشعة مقطعية كشفت كبد وقلب وعقل ومصارين المريض وشخّصت لنا واقعاً مريراً، هذا الواقع لا يتحدث عن الخط الهمايوني أو التمييز في الوظائف أو البرلمان، ولكنه يتحدث بسخونة الشارع وتفاصيله الصادمة عما هو أهم، يتحدث عن طفلة تقول لزميلتها: «أنا مش حالعب معاكي علشان إنتي مسيحية!»، عن طالب يخجل من أن يقول للسائق: «نزلني قدام الكنيسة»، عن بشر يعتقدون أن المسيحي ريحته وحشة وأنه عضمة زرقا، عن ناس متأكدين من أن الكنيسة بها أسود ونمور وذخيرة، عن مواطن يرفض تناول الطعام في بيت مسيحي ويخرج غاضباً من عيادة طبيب عندما يعرف أنه قبطي!..
يتحدث شمعي بلغة راقية وأسلوب هادئ وبصيرة ثاقبة عن وطن ناقصه شوية حب، كما نقول نحن عن الطبخة إنها ناقصة شوية ملح، الوطن صار كالطبخة التي لا طعم لها ولا مذاق، مصر أصبحت مصريات ومصاري، كل واحد عايز مصره اللي فاهمها.. اللي عايزها وهابية، واللي عايزها مسيحية واللي عايزها بزرميطية، للأسف ما حدش عايزها مصرية، رافضاً بقاءها مصر بحضنها الواسع كوطن وليس كمخبأ.
مفتاح الحل في الفهم، إذا ظل كل منا مجهولاً للآخر ستظل المشكلة قائمة، «أرجوك افهمني».. هذه هي الصرخة التي يطلقها الكاتب في كتابه صغير الحجم عظيم القيمة، لماذا لا نفكر في مشاعر المسيحي عندما ندعو أمامه «اللهم اشف مرضى المسلمين»! وهل المرضى الأقباط لا يستحقون الشفاء.. لماذا يظل القبطي بالنسبة لنا هو الكائن المريخي الذي يقول صل لي وليس ادع لي، ومِقدِّس مش حاج ومجِّد سيدك ونشكر ربنا؟!.. لا نعرف عنه إلا أنه هذا البني آدم المعزول في جيتو هذه الكلمات الغريبة عن قاموسنا، يتساءل الكاتب: لماذا لا ينشأ الطفل المسيحي وهو يحس أنه مثل الطفل المسلم يدعمه المجتمع بالكامل؟، مثلما طلب منه طفل مسلم بكل ثقة واطمئنان أن يعلق زينة رمضان على شرفته، لابد أن تنتقل إلى الطفل القبطي هذه الثقة عندما يطلب لعب الكرة الشراب معهم، وهو مطلب مشروع وبسيط، فلا ينظرون إليه وكأنه خرج على المألوف، طالباً تساوى الرؤوس، فأقصى ما يتمناه هذا الطفل القبطي أن يقف عارضة!
دعني أصلي في النور غير مختبئ منك!.. طلب بسيط جداً يطلبه مؤلف كتاب «حارة النصارى» من المتطرفين الذين يشعلون المظاهرات في القرى إذا شموا رائحة تجمع مسيحي للصلاة في بيت متهالك! «الأقباط في مصر هل هم مواطنون أم جالية أجنبية؟»، سؤال مهم لابد أن نطرحه على أنفسنا، هم داخل النسيج نفسه معنا، هم نفس خلايا النخاع الذي يشكل روح الأمة.. إذا استطعت التفرقة بين المسيحي والمسلم خارج الكنيسة والجامع، فهنا بداية المشكلة، وهنا إنذار الكارثة.
لنترك هوس الإعلان عن الهوية الدينية والصراخ الهستيري بها، الذي اجتاح المسلمين والمسيحيين، وليكف المجتمع عن تدريب الأقباط منذ نعومة أظفارهم على التخندق والتراص خلف متاريس وقلاع العزلة وجيتوهات المؤسسة الدينية.. على المجتمع أن يضيف رشة ملح الحب على الطبخة الوطنية لكي يصبح الوطن له مذاق.
يتحدث شمعي بلغة راقية وأسلوب هادئ وبصيرة ثاقبة عن وطن ناقصه شوية حب، كما نقول نحن عن الطبخة إنها ناقصة شوية ملح، الوطن صار كالطبخة التي لا طعم لها ولا مذاق، مصر أصبحت مصريات ومصاري، كل واحد عايز مصره اللي فاهمها.. اللي عايزها وهابية، واللي عايزها مسيحية واللي عايزها بزرميطية، للأسف ما حدش عايزها مصرية، رافضاً بقاءها مصر بحضنها الواسع كوطن وليس كمخبأ.
مفتاح الحل في الفهم، إذا ظل كل منا مجهولاً للآخر ستظل المشكلة قائمة، «أرجوك افهمني».. هذه هي الصرخة التي يطلقها الكاتب في كتابه صغير الحجم عظيم القيمة، لماذا لا نفكر في مشاعر المسيحي عندما ندعو أمامه «اللهم اشف مرضى المسلمين»! وهل المرضى الأقباط لا يستحقون الشفاء.. لماذا يظل القبطي بالنسبة لنا هو الكائن المريخي الذي يقول صل لي وليس ادع لي، ومِقدِّس مش حاج ومجِّد سيدك ونشكر ربنا؟!.. لا نعرف عنه إلا أنه هذا البني آدم المعزول في جيتو هذه الكلمات الغريبة عن قاموسنا، يتساءل الكاتب: لماذا لا ينشأ الطفل المسيحي وهو يحس أنه مثل الطفل المسلم يدعمه المجتمع بالكامل؟، مثلما طلب منه طفل مسلم بكل ثقة واطمئنان أن يعلق زينة رمضان على شرفته، لابد أن تنتقل إلى الطفل القبطي هذه الثقة عندما يطلب لعب الكرة الشراب معهم، وهو مطلب مشروع وبسيط، فلا ينظرون إليه وكأنه خرج على المألوف، طالباً تساوى الرؤوس، فأقصى ما يتمناه هذا الطفل القبطي أن يقف عارضة!
دعني أصلي في النور غير مختبئ منك!.. طلب بسيط جداً يطلبه مؤلف كتاب «حارة النصارى» من المتطرفين الذين يشعلون المظاهرات في القرى إذا شموا رائحة تجمع مسيحي للصلاة في بيت متهالك! «الأقباط في مصر هل هم مواطنون أم جالية أجنبية؟»، سؤال مهم لابد أن نطرحه على أنفسنا، هم داخل النسيج نفسه معنا، هم نفس خلايا النخاع الذي يشكل روح الأمة.. إذا استطعت التفرقة بين المسيحي والمسلم خارج الكنيسة والجامع، فهنا بداية المشكلة، وهنا إنذار الكارثة.
لنترك هوس الإعلان عن الهوية الدينية والصراخ الهستيري بها، الذي اجتاح المسلمين والمسيحيين، وليكف المجتمع عن تدريب الأقباط منذ نعومة أظفارهم على التخندق والتراص خلف متاريس وقلاع العزلة وجيتوهات المؤسسة الدينية.. على المجتمع أن يضيف رشة ملح الحب على الطبخة الوطنية لكي يصبح الوطن له مذاق.
بقلم د. خالد منتصر
info@khaledmontaser.com
__._,_.___
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire