lundi 18 octobre 2010
حارة النصارى
معظم ما كتب عن مشاكل الأقباط هو كشف ظاهري على جسد الوطن المريض، لكن ما كتبه شمعي أسعد في كتابه «حارة النصارى» هو بمثابة أشعة مقطعية كشفت كبد وقلب وعقل ومصارين المريض وشخّصت لنا واقعاً مريراً، هذا الواقع لا يتحدث عن الخط الهمايوني أو التمييز في الوظائف أو البرلمان، ولكنه يتحدث بسخونة الشارع وتفاصيله الصادمة عما هو أهم، يتحدث عن طفلة تقول لزميلتها: «أنا مش حالعب معاكي علشان إنتي مسيحية!»، عن طالب يخجل من أن يقول للسائق: «نزلني قدام الكنيسة»، عن بشر يعتقدون أن المسيحي ريحته وحشة وأنه عضمة زرقا، عن ناس متأكدين من أن الكنيسة بها أسود ونمور وذخيرة، عن مواطن يرفض تناول الطعام في بيت مسيحي ويخرج غاضباً من عيادة طبيب عندما يعرف أنه قبطي!..
يتحدث شمعي بلغة راقية وأسلوب هادئ وبصيرة ثاقبة عن وطن ناقصه شوية حب، كما نقول نحن عن الطبخة إنها ناقصة شوية ملح، الوطن صار كالطبخة التي لا طعم لها ولا مذاق، مصر أصبحت مصريات ومصاري، كل واحد عايز مصره اللي فاهمها.. اللي عايزها وهابية، واللي عايزها مسيحية واللي عايزها بزرميطية، للأسف ما حدش عايزها مصرية، رافضاً بقاءها مصر بحضنها الواسع كوطن وليس كمخبأ.
مفتاح الحل في الفهم، إذا ظل كل منا مجهولاً للآخر ستظل المشكلة قائمة، «أرجوك افهمني».. هذه هي الصرخة التي يطلقها الكاتب في كتابه صغير الحجم عظيم القيمة، لماذا لا نفكر في مشاعر المسيحي عندما ندعو أمامه «اللهم اشف مرضى المسلمين»! وهل المرضى الأقباط لا يستحقون الشفاء.. لماذا يظل القبطي بالنسبة لنا هو الكائن المريخي الذي يقول صل لي وليس ادع لي، ومِقدِّس مش حاج ومجِّد سيدك ونشكر ربنا؟!.. لا نعرف عنه إلا أنه هذا البني آدم المعزول في جيتو هذه الكلمات الغريبة عن قاموسنا، يتساءل الكاتب: لماذا لا ينشأ الطفل المسيحي وهو يحس أنه مثل الطفل المسلم يدعمه المجتمع بالكامل؟، مثلما طلب منه طفل مسلم بكل ثقة واطمئنان أن يعلق زينة رمضان على شرفته، لابد أن تنتقل إلى الطفل القبطي هذه الثقة عندما يطلب لعب الكرة الشراب معهم، وهو مطلب مشروع وبسيط، فلا ينظرون إليه وكأنه خرج على المألوف، طالباً تساوى الرؤوس، فأقصى ما يتمناه هذا الطفل القبطي أن يقف عارضة!
دعني أصلي في النور غير مختبئ منك!.. طلب بسيط جداً يطلبه مؤلف كتاب «حارة النصارى» من المتطرفين الذين يشعلون المظاهرات في القرى إذا شموا رائحة تجمع مسيحي للصلاة في بيت متهالك! «الأقباط في مصر هل هم مواطنون أم جالية أجنبية؟»، سؤال مهم لابد أن نطرحه على أنفسنا، هم داخل النسيج نفسه معنا، هم نفس خلايا النخاع الذي يشكل روح الأمة.. إذا استطعت التفرقة بين المسيحي والمسلم خارج الكنيسة والجامع، فهنا بداية المشكلة، وهنا إنذار الكارثة.
لنترك هوس الإعلان عن الهوية الدينية والصراخ الهستيري بها، الذي اجتاح المسلمين والمسيحيين، وليكف المجتمع عن تدريب الأقباط منذ نعومة أظفارهم على التخندق والتراص خلف متاريس وقلاع العزلة وجيتوهات المؤسسة الدينية.. على المجتمع أن يضيف رشة ملح الحب على الطبخة الوطنية لكي يصبح الوطن له مذاق.
يتحدث شمعي بلغة راقية وأسلوب هادئ وبصيرة ثاقبة عن وطن ناقصه شوية حب، كما نقول نحن عن الطبخة إنها ناقصة شوية ملح، الوطن صار كالطبخة التي لا طعم لها ولا مذاق، مصر أصبحت مصريات ومصاري، كل واحد عايز مصره اللي فاهمها.. اللي عايزها وهابية، واللي عايزها مسيحية واللي عايزها بزرميطية، للأسف ما حدش عايزها مصرية، رافضاً بقاءها مصر بحضنها الواسع كوطن وليس كمخبأ.
مفتاح الحل في الفهم، إذا ظل كل منا مجهولاً للآخر ستظل المشكلة قائمة، «أرجوك افهمني».. هذه هي الصرخة التي يطلقها الكاتب في كتابه صغير الحجم عظيم القيمة، لماذا لا نفكر في مشاعر المسيحي عندما ندعو أمامه «اللهم اشف مرضى المسلمين»! وهل المرضى الأقباط لا يستحقون الشفاء.. لماذا يظل القبطي بالنسبة لنا هو الكائن المريخي الذي يقول صل لي وليس ادع لي، ومِقدِّس مش حاج ومجِّد سيدك ونشكر ربنا؟!.. لا نعرف عنه إلا أنه هذا البني آدم المعزول في جيتو هذه الكلمات الغريبة عن قاموسنا، يتساءل الكاتب: لماذا لا ينشأ الطفل المسيحي وهو يحس أنه مثل الطفل المسلم يدعمه المجتمع بالكامل؟، مثلما طلب منه طفل مسلم بكل ثقة واطمئنان أن يعلق زينة رمضان على شرفته، لابد أن تنتقل إلى الطفل القبطي هذه الثقة عندما يطلب لعب الكرة الشراب معهم، وهو مطلب مشروع وبسيط، فلا ينظرون إليه وكأنه خرج على المألوف، طالباً تساوى الرؤوس، فأقصى ما يتمناه هذا الطفل القبطي أن يقف عارضة!
دعني أصلي في النور غير مختبئ منك!.. طلب بسيط جداً يطلبه مؤلف كتاب «حارة النصارى» من المتطرفين الذين يشعلون المظاهرات في القرى إذا شموا رائحة تجمع مسيحي للصلاة في بيت متهالك! «الأقباط في مصر هل هم مواطنون أم جالية أجنبية؟»، سؤال مهم لابد أن نطرحه على أنفسنا، هم داخل النسيج نفسه معنا، هم نفس خلايا النخاع الذي يشكل روح الأمة.. إذا استطعت التفرقة بين المسيحي والمسلم خارج الكنيسة والجامع، فهنا بداية المشكلة، وهنا إنذار الكارثة.
لنترك هوس الإعلان عن الهوية الدينية والصراخ الهستيري بها، الذي اجتاح المسلمين والمسيحيين، وليكف المجتمع عن تدريب الأقباط منذ نعومة أظفارهم على التخندق والتراص خلف متاريس وقلاع العزلة وجيتوهات المؤسسة الدينية.. على المجتمع أن يضيف رشة ملح الحب على الطبخة الوطنية لكي يصبح الوطن له مذاق.
بقلم د. خالد منتصر
info@khaledmontaser.com
__._,_.___
samedi 16 octobre 2010
مصر والدولة المدنية
بقلم: د. رفعت السعيد
استمرت الأرض المصرية أكثر من ألف وثمانمائة عام تحت وطأة حكام أجانب نهبوا ثرواتها وحولوا كل شعبها إلى مجرد دافعي ضرائب، وحرموهم من تولي أمور أنفسهم ومن الاشتراك في الجندية إلى درجة أن أحد الباحثين قال: في زمن العثمانيين وحتى تولي محمد علي حكم مصر مرت علي مصر أنظمة وأحكام وحكام شتي، لكنهم اتفقوا جميعا علي طمس الهوية المصرية وامتصاص دماء المصريين وأضاف كان الجميع مسلمين وأقباط يدفعون الجزية، البعض يدفعها لأنه مسيحي، والمسلمون يدفعونها في صورة ضرائب لأنهم مقهورون.
وأتي محمد علي ليحاول أن ينهض بمصر كدولة ذات هوية مستقلة ويمكن تلخيص سياسته في ثلاث كلمات: التحديث ـ التصنيع ـ التغريب، ويروي فالنتين شيرول في كتابه المسألة المصرية أن محمد علي كان يقول دوما: إن مصر جنة الله في الأرض ولو منحني الله ألف حياة غير حياتي هذه لبذلتها جميعا من أجل مصر: ص36 من الطبعة الانجليزية الأولي ويروي شيرول قصة بناء الجيش المصري الأول منذ انتهاء العصور الفرعونية فقال: اقتسم المصريون جميعا ـ مسلمين وأقباطا ـ هموم ومتاعب الجندية وشارك الأقباط في الجيش لأول مرة وهكذا لم يعد الأقباط مجرد ذميين وإنما مواطنون في دولة حديثة.
وسواء كان محمد علي يحب نفسه أو يحب مصر، فإنه قد منحها أولي خطوات المواطنة المتكافئة في دولة حديثة، فقد نهج منذ بداية حكمه(1805) سياسة تسامح ديني واضحة، فألغي القيود المفروضة علي زي الأقباط، وألغي كل القيود التي كانت مفروضة علي ممارساتهم لطقوسهم الدينية ومنح الجميع فرصا متكافئة في تولي الوظائف وكانت الأفضلية للأكفأ بغض النظر عن الدين وتشهد وثائق القلعة أسماء قبطية تولي أصحابها مواقع إدارية رفيعة ووظائف مأمورين لمراكز برديس والفشن وديرمواس وبهجورة، وكان محمد علي أول حاكم يمنح الأقباط رتبة البكوية وكان له مستشارون عديدون من الأقباط، ولعل استعانة محمد علي بعديد من الخبراء الغربيين وهم من المسيحيين قد أوجد مناخا مواتيا لذلك، ويأتي عصر سعيد(1854 ـ1863) ليصدر قانون الخدمة العسكرية الذي يعامل المصريين جميعا مسلمين وأقباطا علي قدم المساواة، وكذلك كان الأمر في سلك القضاء وفي البعوث التي سافرت إلى أوروبا، كما انه عين حاكما قبطيا على مصوع ويأتي عصر إسماعيل ليزيد من عدد القضاة الأقباط ولينتخب ولأول مرة أقباطا في البرلمان.
وعلي المستوي الشعبي لعب رفاعة الطهطاوي دورا بارزا في إحياء أسس الدولة المدنية، وفي كتابه مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية تحدث رفاعة عن المجد الفرعوني المصري وأكد مبدأ المواطنة وأورد تعبيرات مثل الأخوة الوطنية والكرامة الوطنية وخاض مع رفاعة في معركة التنوير عديدا من تلاميذه الأقباط مثل تادرس وهبي وميخائيل عبد السيد، ومن تلاميذه عديد من الأقباط تولوا مناصب قيادية في الجيش وفي سلك الإدارة (صالح بك مجدي ـ حلية الزمن بمناقب خادم الوطن رفاعة بك رافع) وفي الثورة العرابية تشارك المصريون جميعا ـ مسلمين وأقباطا ـ في غمار الثورة وتشاركوا في معادة الاحتلال البريطاني، وفي مطلع القرن العشرين ارتفع شعار مصر للمصريين في مواجهة دعاة فكر الخلافة الذين رفعوا شعار لا وطنية في الإسلام ونهض لطفي السيد بعبء الدولة الليبرالية لمواطنة واحدة موحدة علي أساس المساواة الكاملة، وأكد أن المواطنة تعني انتماء المواطنين إلى كيان سياسي موحد وتساويهم في الحقوق والواجبات في إطار الوطن.( د. عفاف لطفي السيد ـ الليبرالية المصرية ـ الطبعة الانجليزية ص112) ويقول ألبرت حوراني في كتابه( الفكر العربي في عصر النهضة ـ ص216) كان لطفي كغيره من المفكرين المصريين الليبراليين لا يحدد الأمة علي أساس اللغة أو الدين بل علي أساس الانتماء إلي الأرض وهو لم يفكر بأمة إسلامية أو عربية بل بأمة مصرية قال دوما أنها أمة القاطنين علي أرض مصر.
وتأتي ثورة1919 لتكرس الانصهار المصري تحت شعار الدين لله والوطن للجميع وانخرط فيها جملة كبيرة من كبار الأقباط. وفي عام1922 ومع التهاب العمل الثوري قبضت سلطة الاحتلال علي سبعة من القادة الوفديين كان بينهم أربعة أقباط هم ويصا واصف ومرقص حنا وواصف بطرس غالي، جورجي خياط، وحوكم السبعة أمام محكمة عسكرية حكمت عليهم بالإعدام لكن الحكم جري تخفيفه.
وعندما ألف سعد زغلول أول وزارة له في يناير1924 اختار فيها ثلاثة أقباط من بين تسعة وزراء هم مجموع مجلس الوزراء، لكن السلطان فؤاد رفض قائلا: هناك خطأ في الحساب يا باشا، فقد اعتدنا أن يكون هناك وزير قبطي واحد، ثم أن هناك وزيرا قبطيا مرشحا لتولي وزارة العدل التي يتبعها القضاء الشرعي، وتنازل سعد عن الأخير وأتي للوزارة بوزيرين قبطيين من9، لكنه قبل أن يفعل ذلك واجه السلطان قائلا: إن رصاص الانجليز لم يحترم عادة أن يكون هناك وزير واحد فكان يحصد المصريين إبان الثورة دون تمييز بين مسلم ومسيحي.
ويجيء الأعداد لدستور1923 والذي يرفض الأقباط النص فيه علي تمثيل نسبي لهم في البرلمان، مؤكدين أن قبول التمثيل النسبي يعني التشكيك في نيات المسلمين من أبناء الوطن وعدم الثقة في إيمانهم بالمواطنة، ويتضمن الدستور مواد حازمة مثل حرية الاعتقاد مطلقة( م12) وحرية الرأي مكفولة( م14) والمصريون لدي القانون سواء وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين.
وهكذا وخطوة خطوة أقام المصريون صرح دولتهم المدنية وإن ظلت تشوبها مسحة من تطرف، لكنها علي الأقل تعلن مجرد إعلان يراه البعض شكليا أنها تقوم علي أساس وحدتهم الوطنية والتي بدونها تختل قواعد المواطنة، فلا مواطنة بلا تكافؤ ومساواة تامة في الحقوق والواجبات.
ولعل من حقنا أن نسأل: والآن ماذا جري لمصر؟ وكيف استطاع بوم التأسلم والمتطرفون من الجانبين والذين ينعقون بالخراب في فضائيات بير السلم أن يعبثوا بصرح الدولة المدنية الذي بناه المصريون عبر قرنين من الزمان؟
وأن نسأل إذا لم نسكت نعيق هذا البوم فإلي أين نحن سائرون؟
والإجابة الحقيقية هي أننا نحتاج إلي إرادة سياسة حازمة تحقق التكافؤ الفعلي والعملي في كل المجالات وبلا أي تمييز ونحتاج أيضا تعليما يليق بمصر ومصرييها وإعلاما خاليا من شوائب التطرف ومحو كل التمييزات الظاهرة الخفية أم أن هناك إجابات أخري!
__._,_.___
وأتي محمد علي ليحاول أن ينهض بمصر كدولة ذات هوية مستقلة ويمكن تلخيص سياسته في ثلاث كلمات: التحديث ـ التصنيع ـ التغريب، ويروي فالنتين شيرول في كتابه المسألة المصرية أن محمد علي كان يقول دوما: إن مصر جنة الله في الأرض ولو منحني الله ألف حياة غير حياتي هذه لبذلتها جميعا من أجل مصر: ص36 من الطبعة الانجليزية الأولي ويروي شيرول قصة بناء الجيش المصري الأول منذ انتهاء العصور الفرعونية فقال: اقتسم المصريون جميعا ـ مسلمين وأقباطا ـ هموم ومتاعب الجندية وشارك الأقباط في الجيش لأول مرة وهكذا لم يعد الأقباط مجرد ذميين وإنما مواطنون في دولة حديثة.
وسواء كان محمد علي يحب نفسه أو يحب مصر، فإنه قد منحها أولي خطوات المواطنة المتكافئة في دولة حديثة، فقد نهج منذ بداية حكمه(1805) سياسة تسامح ديني واضحة، فألغي القيود المفروضة علي زي الأقباط، وألغي كل القيود التي كانت مفروضة علي ممارساتهم لطقوسهم الدينية ومنح الجميع فرصا متكافئة في تولي الوظائف وكانت الأفضلية للأكفأ بغض النظر عن الدين وتشهد وثائق القلعة أسماء قبطية تولي أصحابها مواقع إدارية رفيعة ووظائف مأمورين لمراكز برديس والفشن وديرمواس وبهجورة، وكان محمد علي أول حاكم يمنح الأقباط رتبة البكوية وكان له مستشارون عديدون من الأقباط، ولعل استعانة محمد علي بعديد من الخبراء الغربيين وهم من المسيحيين قد أوجد مناخا مواتيا لذلك، ويأتي عصر سعيد(1854 ـ1863) ليصدر قانون الخدمة العسكرية الذي يعامل المصريين جميعا مسلمين وأقباطا علي قدم المساواة، وكذلك كان الأمر في سلك القضاء وفي البعوث التي سافرت إلى أوروبا، كما انه عين حاكما قبطيا على مصوع ويأتي عصر إسماعيل ليزيد من عدد القضاة الأقباط ولينتخب ولأول مرة أقباطا في البرلمان.
وعلي المستوي الشعبي لعب رفاعة الطهطاوي دورا بارزا في إحياء أسس الدولة المدنية، وفي كتابه مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية تحدث رفاعة عن المجد الفرعوني المصري وأكد مبدأ المواطنة وأورد تعبيرات مثل الأخوة الوطنية والكرامة الوطنية وخاض مع رفاعة في معركة التنوير عديدا من تلاميذه الأقباط مثل تادرس وهبي وميخائيل عبد السيد، ومن تلاميذه عديد من الأقباط تولوا مناصب قيادية في الجيش وفي سلك الإدارة (صالح بك مجدي ـ حلية الزمن بمناقب خادم الوطن رفاعة بك رافع) وفي الثورة العرابية تشارك المصريون جميعا ـ مسلمين وأقباطا ـ في غمار الثورة وتشاركوا في معادة الاحتلال البريطاني، وفي مطلع القرن العشرين ارتفع شعار مصر للمصريين في مواجهة دعاة فكر الخلافة الذين رفعوا شعار لا وطنية في الإسلام ونهض لطفي السيد بعبء الدولة الليبرالية لمواطنة واحدة موحدة علي أساس المساواة الكاملة، وأكد أن المواطنة تعني انتماء المواطنين إلى كيان سياسي موحد وتساويهم في الحقوق والواجبات في إطار الوطن.( د. عفاف لطفي السيد ـ الليبرالية المصرية ـ الطبعة الانجليزية ص112) ويقول ألبرت حوراني في كتابه( الفكر العربي في عصر النهضة ـ ص216) كان لطفي كغيره من المفكرين المصريين الليبراليين لا يحدد الأمة علي أساس اللغة أو الدين بل علي أساس الانتماء إلي الأرض وهو لم يفكر بأمة إسلامية أو عربية بل بأمة مصرية قال دوما أنها أمة القاطنين علي أرض مصر.
وتأتي ثورة1919 لتكرس الانصهار المصري تحت شعار الدين لله والوطن للجميع وانخرط فيها جملة كبيرة من كبار الأقباط. وفي عام1922 ومع التهاب العمل الثوري قبضت سلطة الاحتلال علي سبعة من القادة الوفديين كان بينهم أربعة أقباط هم ويصا واصف ومرقص حنا وواصف بطرس غالي، جورجي خياط، وحوكم السبعة أمام محكمة عسكرية حكمت عليهم بالإعدام لكن الحكم جري تخفيفه.
وعندما ألف سعد زغلول أول وزارة له في يناير1924 اختار فيها ثلاثة أقباط من بين تسعة وزراء هم مجموع مجلس الوزراء، لكن السلطان فؤاد رفض قائلا: هناك خطأ في الحساب يا باشا، فقد اعتدنا أن يكون هناك وزير قبطي واحد، ثم أن هناك وزيرا قبطيا مرشحا لتولي وزارة العدل التي يتبعها القضاء الشرعي، وتنازل سعد عن الأخير وأتي للوزارة بوزيرين قبطيين من9، لكنه قبل أن يفعل ذلك واجه السلطان قائلا: إن رصاص الانجليز لم يحترم عادة أن يكون هناك وزير واحد فكان يحصد المصريين إبان الثورة دون تمييز بين مسلم ومسيحي.
ويجيء الأعداد لدستور1923 والذي يرفض الأقباط النص فيه علي تمثيل نسبي لهم في البرلمان، مؤكدين أن قبول التمثيل النسبي يعني التشكيك في نيات المسلمين من أبناء الوطن وعدم الثقة في إيمانهم بالمواطنة، ويتضمن الدستور مواد حازمة مثل حرية الاعتقاد مطلقة( م12) وحرية الرأي مكفولة( م14) والمصريون لدي القانون سواء وهم متساوون في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين.
وهكذا وخطوة خطوة أقام المصريون صرح دولتهم المدنية وإن ظلت تشوبها مسحة من تطرف، لكنها علي الأقل تعلن مجرد إعلان يراه البعض شكليا أنها تقوم علي أساس وحدتهم الوطنية والتي بدونها تختل قواعد المواطنة، فلا مواطنة بلا تكافؤ ومساواة تامة في الحقوق والواجبات.
ولعل من حقنا أن نسأل: والآن ماذا جري لمصر؟ وكيف استطاع بوم التأسلم والمتطرفون من الجانبين والذين ينعقون بالخراب في فضائيات بير السلم أن يعبثوا بصرح الدولة المدنية الذي بناه المصريون عبر قرنين من الزمان؟
وأن نسأل إذا لم نسكت نعيق هذا البوم فإلي أين نحن سائرون؟
والإجابة الحقيقية هي أننا نحتاج إلي إرادة سياسة حازمة تحقق التكافؤ الفعلي والعملي في كل المجالات وبلا أي تمييز ونحتاج أيضا تعليما يليق بمصر ومصرييها وإعلاما خاليا من شوائب التطرف ومحو كل التمييزات الظاهرة الخفية أم أن هناك إجابات أخري!
__._,_.___
الإصلاح الديني: حجر الأساس للإصلاح في المجتمعات العربية
بقلم طارق حجي
أولاً: تصور عام
لعب الإسلام دوراً كبيراً في صياغة تاريخ وثقافة شعوب المجتمعات الناطقة باللغة العربية. وكما عرف «العقل المسلم» فترات ازدهار (بمعايير القرون الوسطى) حتى القرن الثاني عشر الميلادي، فقد عرف منذ هذا الوقت رحلة انحدار وجمود وانغلاق لا تخفى معالمها على أحد. ومنذ تفاعلت شعوب هذه المجتمعات مع الغرب (منذ اليوم الأول للحملة الفرنسية على مصر سنة ١٧٩٨) فقد أصبحت الإشكالية الكبرى متجسدة في خيارين أو منهجين: الأول يزعم أن تأخر مجتمعاتنا كان ولا يزال بسبب عدم تمسكنا بالمنظومة الإسلامية كلها كمنهج حياة وعمل للأفراد والمجتمعات. أما المنهج الثاني فكان (ولا يزال) أصحابه يرون حتمية الأخذ بآليات الحضارة الغربية كشرط أساس لتقدم مجتمعاتهم. ويمكن القول (بقليل من التعميم) إن المناخ السياسي والثقافي والفكري والتعليمي في المجتمعات الناطقة بالعربية لا يزال يشهد صراعاً بين هذين المنهجين: منهج الرجوع للجذور والأصول الإسلامية، ومنهج الأخذ بآليات وفعاليات الحضارة الغربية التي تجاوزت اليوم الغرب بمعناه الجغرافي، حيث صارت هذه الآليات في مجتمعات عديدة خارج أوروبا.
وفى اعتقادي أن دعاة العودة للجذور والأصول ليس لديهم ما يقدمونه إلا الوعود الكبيرة للعامة. أما خاصة المثقفين فيعرفون أن التاريخ الإسلامي كان تاريخاً بشرياً محضاً شهد فترة ازدهار نسبى (يبالغ في حقيقتها ومداها كثيرون) أخذت في الانحسار والانهيار عندما أفرزت من داخلها عقلية نقلية مضادة للعقل والابتكار ووضعت سقوفاً منخفضة لعمل العقل الإنساني. وفى كل الأحوال، فإن الفترة التي يسميها البعض بالحقبة الذهبية ليست إلا فترة ذات ملامح تعكس حقائق العصور الوسطى بكل ما تعنيه الكلمة.
والمعضلة الكبرى في هذا الجدل (العقيم في نظري) هو خطيئة اعتبار محركات وفعاليات وديناميكيات ومحفزات الحضارة الغربية «غربية». فقد أثبت في العديد من كتبي أن التقدم الذي شهدته أوروبا الغربية قد حدث بفعل عوامل إنسانية أكثر من كونها أوروبية أو غربية. وأول هذه العوامل هو الحد الكبير من سلطان ونفوذ رجال الدين ثم رفع سقف حرية التفكير وإعمال العقل النقدي وهما العاملان اللذان طورا قيم التقدم والتي هي جلها «إنسانية صرف» وليست غربية أو مسيحية أو أوروبية.
ومن أوضح الأدلة على إنسانية وعالمية قيم وفعاليات التقدم هو ما حدث على نطاق واسع في القارة الآسيوية عندما وظفت مجتمعات غير أوروبية آليات وقيم التقدم لإحداث النهضة، فتحققت النهضة المرجوة. وهذا ما شهدته الدنيا في اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان ثم بعد ذلك في مجتمعات أخرى مثل المجتمع الماليزي الذي يمكن اعتباره أوضح الأدلة على عالمية وإنسانية قيم وآليات التقدم.
وبالعودة للمجتمعات الناطقة بالعربية فإن تحليل ظواهرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والإعلامية المعاصرة سيؤكد خلو بيئاتها من قيم التقدم التي هي كما ذكرت إنسانية وعالمية بكل وضوح.
سيكون دائماً التحدي الأكبر لهذا النهج آتياً من المؤسسات الدينية ليس بدافع ديني محض (ولا حتى بأي دافع ديني حقيقي) وإنما بدافع الدفاع عن سلطان ونفوذ لا حد لهما في إدارة وتوجيه الحياة في مجتمعاتهم.
وبنفس الجزم فإن المنطقة المقدسة التي يجب التعامل معها كحجر أساس مشروع النهضة هي مؤسسة التعليم بما في ذلك (بل وعلى رأس ذلك) التعليم الديني. فأي عمل خارج هذا المضمار سيبقى هامشي الأثر والجدوى. فالجدوى مرهونة بما سيحدث داخل المؤسسات التعليمية (وأكرر: وفى مقدماتها مؤسسات التعليم الديني).
فإصلاح التعليم بوجه عام وإصلاح التعليم الديني بنفس الدرجة من الأهمية هما حجر الأساس الذي لن يكون بوسع أحد في مجتمعات منطقتنا (الناطقة بالعربية) إنجاز مشروع التقدم والنهضة إذا ما لم تتم قبل ذلك عملية إصلاح في التعليم وفى التعليم الديني تغرز في العقول والضمائر قيم التقدم بصفتها قيماً إنسانية وعالمية في المقام الأول.
ثانياً: قيم التقدم
إن نظرة (مما أطلق عليه في كتاباتي في علوم الإدارة الحديثة «helicopter view» «نظرة من علٍ») للمجتمعات المتقدمة مع معرفة (عميقة) موازية لتاريخها ومسيرتها تنبئ بأن التقدم في المجتمعات التي بلغت شأناً بعيداً في مسيرة النمو والتقدم كان نتيجة لمجموعة من القيم تم تأصيلها في المجتمع من خلال تأصيلها في العملية الدينية، وهى القيم التي تحتاج مجتمعاتنا الناطقة بالعربية لإعادة بناء مؤسساتها التعليمية ومنها مؤسسات التعليم الديني على أساسها.
· وأول قيم التقدم هي العقل والنقد والفضاء الواسع للعقل النقدي (Critical Mind) وهذه القيمة الأولى من قيم التقدم ستكون دائماً الأكثر تعرضاً لهجمات الثيوقراطية والثيوقراطيين لعلمهم بتجليات تأصل هذه القيمة من خلال المؤسسة التعليمية في أي مجتمع.
· وثاني هذه القيم هي تأصيل قيمة التعددية (Plurality) كعلم من أهم معالم الحياة بوجه عام، والمعرفة والعلم والثقافة بوجه خاص.
· وثالث هذه القيم هو الغيرية (Otherness) التي فحواها قبول الآخر أيا كان شكل أو نوع الآخر. والغيرية نتيجة طبيعية لتأصيل قيمة التعددية.
· ورابع هذه القيم هي عالمية وإنسانية المعرفة والعلم (Universality of knowledge & science). وهذه القيمة ترتبط ارتباطاً جدلياً (Dialectic) وثيقاً بالقيم الثلاث السابق ذكرها.
· والقيمة الخامسة هي التسامح (Tolerance) الديني والثقافي كنتيجة طبيعية للإيمان بتعددية أوجه الحياة المختلفة.
· والقيمة السادسة تتعلق بالمرأة ومكانتها في المجتمع انطلاقاً من رؤية ونظرة للمرأة ككائن مساو كليةً للرجل ويماثله في الحقوق والواجبات والقيمة الإنسانية. والرابط بين التقدم ووضع المرأة هو رابط جدلي ثنائي: فمن جهة، فإن المرأة هي نصف المجتمع عددياً، وتعطيل نصف المجتمع لا يمكن إلا أن يأتي بنتائج سلبية.. ومن جهة أخرى فإن المرأة هي التي تربى النصف الآخر، فإذا لم تكن إنسانة حرة فإنها تنشئ النصف الآخر من المجتمع مخلوطاً بالعيوب والسلبيات الناجمة عن نشأته على يد دونية.
· والقيمة السابعة هي حقوق الإنسان بمفهومها الذي تطور خلال القرنين الأخيرين.
· والقيمة الثامنة هي قيمة المواطنة (Citizenship) كأساس للعلاقة بين أفراد المجتمع بعضهم ببعض وعلاقتهم بالدولة.
· والقيمة التاسعة هي مفهوم الدولة الحديثة ومفهوم سيادة القانون (Rule of law) اللذان يختلفان عن مفاهيم القبيلة والقرية والعائلة.
· والقيمة العاشرة هي الديمقراطية بصفتها أجلّ استبداعات الإنسانية خلال القرنين الأخيرين.
· والقيمة الحادية عشرة هي قيمة العمل وهى تتضمن ما يحيط بالعمل من مفاهيم حديثة مثل العمل الجماعي والإتقان وتقنيات الإدارة الحديثة وثقافة المؤسسة عوضاً عن ثقافة الأشخاص.
· والقيمة الثانية عشرة هي قيمة الاهتمام بالمستقبل أكثر من الاهتمام المفرط بالماضي الذي هو من معالم الثقافة العربية.
· والقيمة الثالثة عشرة هي قيمة الموضوعية (Objectivity) التي وإن كانت نسبية إلا أنها تختلف عن الشخصنة الشائعة في ثقافات قديمة من أهمها الثقافة العربية. فسوسيولوجيا القبيلة التي حكمت الثقافة العربية لحدٍ بعيد تعمل لصالح الشخصنة وتبعد عن مفهوم الموضوعية.
· والقيمة الرابعة عشرة هي نسبية (Relativity) العلم والمعرفة والأحكام الإنسانية. فرحلة العقل الإنساني خلال القرون الثلاثة الماضية أخذته بعيداً عن ثقافة الأحكام المطلقة وقرَّبته من ثقافة الأحكام النسبية.
· والقيمة الخامسة عشرة هي ثقافة المشاركة (Participation) لا التبعية. والمشاركة هي قيمة تتعارض كثيرا مع ما أفرزته الثقافات العربية عبر القرون من تعاظم الإتباع وضآلة المشاركة.
ثالثاً: ما العمل؟
خلال القرنين الماضيين تقدم أنصار العلم والعقل والحداثة في مجتمعاتنا قليلاً ثم حدثت انتكاسة فأصبحوا في المرتبة الثانية وبمسافة بعيدة وراء مدرسة الرجوع للجذور والأصول. وفى اعتقادي أن أسباب حدوث ذلك عديدة ولكن يبقى في مقدمتها تواصل الجدل على المستوى الفوقي أو الكلي (الماكرو) وعدم التركيز على التغيير الجذري في العقلية من خلال التعليم. فالحوار على المستوى الفوقي يبقى في غالبه قائماً على الشعارات وهى الأكثر جذباً للجماهير. وجل أنصار منهج العودة للأصول أصحاب شعارات جذابة للعامة، حتى وإن كانوا من أنصاف المتعلمين وأنصاف المثقفين (كما هي حال أغلبهم).
وحتى عندما سمحت الفرص بوجود قيادات قادرة على إنجاز رحلة العبور من ظلام الواقع لنور التقدم (كما حدث في تركيا من ١٩٢٣ إلى ١٩٣٨ وكما حدث في تونس من ١٩٥٦ إلى ١٩٨٧)، فإن العمل في مؤسسات التعليم لم يكن كاملاً ولم يكن شاملاً بل وصل حجم التعليم الديني (منبت الصلة بعقلية التقدم والحداثة) في بلدان حاكمة مثل تركيا ومصر ما بين ١٥% و٢٠% من أبناء وبنات المجتمع المنخرطين في العملية التعليمية.
وفى اعتقادي أنه رغم صعود موجة الرجوع للأصول والجذور، فإن الوضع العالمي وحركة التاريخ هي في صالح القيادات السياسية وقيادات المجتمع المدني والنخب المثقفة وقيادات التعليم والإعلام المؤمنين بالتقدم، وسيكون بوسع هؤلاء في ظل هذه الظروف العامة أن يبذروا بذرة الإصلاح في أرض التعليم بوجه عام والتعليم الديني بوجه خاص.
رابعاً: إصلاح المؤسسات الدينية لا تجاهلها
إن متابعتي لأحوال المجتمعات الناطقة بالعربية الثقافية لقرابة أربعين سنة تجعلني أقرب إلى اليقين بأن تجاهل الدين (ناهيك عن تجريحه بأقلام وألسنة أشخاص يحركهم الغضب وليس العلم) هو موقف لن تكون له أي ثمار إيجابية. فالدين جزء أساسي من الهواء الذي تتنفسه شعوب منطقتنا الناطقة بالعربية.
ومن الأجدى العمل على إصلاح المؤسسات الدينية والثقافة الدينية والتعليم الديني والتعليم بوجه عام عن الدخول في مبارزة «دون - كيشوطية» لن تكون لها آثار إلا فقدان الجماهير وتباعدهم. وهنا تكمن خطورة مجموعات من المثقفين العرب جعلوا مهمتهم الأولى الهجوم العاتي على الدين وليس العمل على إصلاح فهم الناس له.
__._,_.___
أولاً: تصور عام
لعب الإسلام دوراً كبيراً في صياغة تاريخ وثقافة شعوب المجتمعات الناطقة باللغة العربية. وكما عرف «العقل المسلم» فترات ازدهار (بمعايير القرون الوسطى) حتى القرن الثاني عشر الميلادي، فقد عرف منذ هذا الوقت رحلة انحدار وجمود وانغلاق لا تخفى معالمها على أحد. ومنذ تفاعلت شعوب هذه المجتمعات مع الغرب (منذ اليوم الأول للحملة الفرنسية على مصر سنة ١٧٩٨) فقد أصبحت الإشكالية الكبرى متجسدة في خيارين أو منهجين: الأول يزعم أن تأخر مجتمعاتنا كان ولا يزال بسبب عدم تمسكنا بالمنظومة الإسلامية كلها كمنهج حياة وعمل للأفراد والمجتمعات. أما المنهج الثاني فكان (ولا يزال) أصحابه يرون حتمية الأخذ بآليات الحضارة الغربية كشرط أساس لتقدم مجتمعاتهم. ويمكن القول (بقليل من التعميم) إن المناخ السياسي والثقافي والفكري والتعليمي في المجتمعات الناطقة بالعربية لا يزال يشهد صراعاً بين هذين المنهجين: منهج الرجوع للجذور والأصول الإسلامية، ومنهج الأخذ بآليات وفعاليات الحضارة الغربية التي تجاوزت اليوم الغرب بمعناه الجغرافي، حيث صارت هذه الآليات في مجتمعات عديدة خارج أوروبا.
وفى اعتقادي أن دعاة العودة للجذور والأصول ليس لديهم ما يقدمونه إلا الوعود الكبيرة للعامة. أما خاصة المثقفين فيعرفون أن التاريخ الإسلامي كان تاريخاً بشرياً محضاً شهد فترة ازدهار نسبى (يبالغ في حقيقتها ومداها كثيرون) أخذت في الانحسار والانهيار عندما أفرزت من داخلها عقلية نقلية مضادة للعقل والابتكار ووضعت سقوفاً منخفضة لعمل العقل الإنساني. وفى كل الأحوال، فإن الفترة التي يسميها البعض بالحقبة الذهبية ليست إلا فترة ذات ملامح تعكس حقائق العصور الوسطى بكل ما تعنيه الكلمة.
والمعضلة الكبرى في هذا الجدل (العقيم في نظري) هو خطيئة اعتبار محركات وفعاليات وديناميكيات ومحفزات الحضارة الغربية «غربية». فقد أثبت في العديد من كتبي أن التقدم الذي شهدته أوروبا الغربية قد حدث بفعل عوامل إنسانية أكثر من كونها أوروبية أو غربية. وأول هذه العوامل هو الحد الكبير من سلطان ونفوذ رجال الدين ثم رفع سقف حرية التفكير وإعمال العقل النقدي وهما العاملان اللذان طورا قيم التقدم والتي هي جلها «إنسانية صرف» وليست غربية أو مسيحية أو أوروبية.
ومن أوضح الأدلة على إنسانية وعالمية قيم وفعاليات التقدم هو ما حدث على نطاق واسع في القارة الآسيوية عندما وظفت مجتمعات غير أوروبية آليات وقيم التقدم لإحداث النهضة، فتحققت النهضة المرجوة. وهذا ما شهدته الدنيا في اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان ثم بعد ذلك في مجتمعات أخرى مثل المجتمع الماليزي الذي يمكن اعتباره أوضح الأدلة على عالمية وإنسانية قيم وآليات التقدم.
وبالعودة للمجتمعات الناطقة بالعربية فإن تحليل ظواهرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والإعلامية المعاصرة سيؤكد خلو بيئاتها من قيم التقدم التي هي كما ذكرت إنسانية وعالمية بكل وضوح.
سيكون دائماً التحدي الأكبر لهذا النهج آتياً من المؤسسات الدينية ليس بدافع ديني محض (ولا حتى بأي دافع ديني حقيقي) وإنما بدافع الدفاع عن سلطان ونفوذ لا حد لهما في إدارة وتوجيه الحياة في مجتمعاتهم.
وبنفس الجزم فإن المنطقة المقدسة التي يجب التعامل معها كحجر أساس مشروع النهضة هي مؤسسة التعليم بما في ذلك (بل وعلى رأس ذلك) التعليم الديني. فأي عمل خارج هذا المضمار سيبقى هامشي الأثر والجدوى. فالجدوى مرهونة بما سيحدث داخل المؤسسات التعليمية (وأكرر: وفى مقدماتها مؤسسات التعليم الديني).
فإصلاح التعليم بوجه عام وإصلاح التعليم الديني بنفس الدرجة من الأهمية هما حجر الأساس الذي لن يكون بوسع أحد في مجتمعات منطقتنا (الناطقة بالعربية) إنجاز مشروع التقدم والنهضة إذا ما لم تتم قبل ذلك عملية إصلاح في التعليم وفى التعليم الديني تغرز في العقول والضمائر قيم التقدم بصفتها قيماً إنسانية وعالمية في المقام الأول.
ثانياً: قيم التقدم
إن نظرة (مما أطلق عليه في كتاباتي في علوم الإدارة الحديثة «helicopter view» «نظرة من علٍ») للمجتمعات المتقدمة مع معرفة (عميقة) موازية لتاريخها ومسيرتها تنبئ بأن التقدم في المجتمعات التي بلغت شأناً بعيداً في مسيرة النمو والتقدم كان نتيجة لمجموعة من القيم تم تأصيلها في المجتمع من خلال تأصيلها في العملية الدينية، وهى القيم التي تحتاج مجتمعاتنا الناطقة بالعربية لإعادة بناء مؤسساتها التعليمية ومنها مؤسسات التعليم الديني على أساسها.
· وأول قيم التقدم هي العقل والنقد والفضاء الواسع للعقل النقدي (Critical Mind) وهذه القيمة الأولى من قيم التقدم ستكون دائماً الأكثر تعرضاً لهجمات الثيوقراطية والثيوقراطيين لعلمهم بتجليات تأصل هذه القيمة من خلال المؤسسة التعليمية في أي مجتمع.
· وثاني هذه القيم هي تأصيل قيمة التعددية (Plurality) كعلم من أهم معالم الحياة بوجه عام، والمعرفة والعلم والثقافة بوجه خاص.
· وثالث هذه القيم هو الغيرية (Otherness) التي فحواها قبول الآخر أيا كان شكل أو نوع الآخر. والغيرية نتيجة طبيعية لتأصيل قيمة التعددية.
· ورابع هذه القيم هي عالمية وإنسانية المعرفة والعلم (Universality of knowledge & science). وهذه القيمة ترتبط ارتباطاً جدلياً (Dialectic) وثيقاً بالقيم الثلاث السابق ذكرها.
· والقيمة الخامسة هي التسامح (Tolerance) الديني والثقافي كنتيجة طبيعية للإيمان بتعددية أوجه الحياة المختلفة.
· والقيمة السادسة تتعلق بالمرأة ومكانتها في المجتمع انطلاقاً من رؤية ونظرة للمرأة ككائن مساو كليةً للرجل ويماثله في الحقوق والواجبات والقيمة الإنسانية. والرابط بين التقدم ووضع المرأة هو رابط جدلي ثنائي: فمن جهة، فإن المرأة هي نصف المجتمع عددياً، وتعطيل نصف المجتمع لا يمكن إلا أن يأتي بنتائج سلبية.. ومن جهة أخرى فإن المرأة هي التي تربى النصف الآخر، فإذا لم تكن إنسانة حرة فإنها تنشئ النصف الآخر من المجتمع مخلوطاً بالعيوب والسلبيات الناجمة عن نشأته على يد دونية.
· والقيمة السابعة هي حقوق الإنسان بمفهومها الذي تطور خلال القرنين الأخيرين.
· والقيمة الثامنة هي قيمة المواطنة (Citizenship) كأساس للعلاقة بين أفراد المجتمع بعضهم ببعض وعلاقتهم بالدولة.
· والقيمة التاسعة هي مفهوم الدولة الحديثة ومفهوم سيادة القانون (Rule of law) اللذان يختلفان عن مفاهيم القبيلة والقرية والعائلة.
· والقيمة العاشرة هي الديمقراطية بصفتها أجلّ استبداعات الإنسانية خلال القرنين الأخيرين.
· والقيمة الحادية عشرة هي قيمة العمل وهى تتضمن ما يحيط بالعمل من مفاهيم حديثة مثل العمل الجماعي والإتقان وتقنيات الإدارة الحديثة وثقافة المؤسسة عوضاً عن ثقافة الأشخاص.
· والقيمة الثانية عشرة هي قيمة الاهتمام بالمستقبل أكثر من الاهتمام المفرط بالماضي الذي هو من معالم الثقافة العربية.
· والقيمة الثالثة عشرة هي قيمة الموضوعية (Objectivity) التي وإن كانت نسبية إلا أنها تختلف عن الشخصنة الشائعة في ثقافات قديمة من أهمها الثقافة العربية. فسوسيولوجيا القبيلة التي حكمت الثقافة العربية لحدٍ بعيد تعمل لصالح الشخصنة وتبعد عن مفهوم الموضوعية.
· والقيمة الرابعة عشرة هي نسبية (Relativity) العلم والمعرفة والأحكام الإنسانية. فرحلة العقل الإنساني خلال القرون الثلاثة الماضية أخذته بعيداً عن ثقافة الأحكام المطلقة وقرَّبته من ثقافة الأحكام النسبية.
· والقيمة الخامسة عشرة هي ثقافة المشاركة (Participation) لا التبعية. والمشاركة هي قيمة تتعارض كثيرا مع ما أفرزته الثقافات العربية عبر القرون من تعاظم الإتباع وضآلة المشاركة.
ثالثاً: ما العمل؟
خلال القرنين الماضيين تقدم أنصار العلم والعقل والحداثة في مجتمعاتنا قليلاً ثم حدثت انتكاسة فأصبحوا في المرتبة الثانية وبمسافة بعيدة وراء مدرسة الرجوع للجذور والأصول. وفى اعتقادي أن أسباب حدوث ذلك عديدة ولكن يبقى في مقدمتها تواصل الجدل على المستوى الفوقي أو الكلي (الماكرو) وعدم التركيز على التغيير الجذري في العقلية من خلال التعليم. فالحوار على المستوى الفوقي يبقى في غالبه قائماً على الشعارات وهى الأكثر جذباً للجماهير. وجل أنصار منهج العودة للأصول أصحاب شعارات جذابة للعامة، حتى وإن كانوا من أنصاف المتعلمين وأنصاف المثقفين (كما هي حال أغلبهم).
وحتى عندما سمحت الفرص بوجود قيادات قادرة على إنجاز رحلة العبور من ظلام الواقع لنور التقدم (كما حدث في تركيا من ١٩٢٣ إلى ١٩٣٨ وكما حدث في تونس من ١٩٥٦ إلى ١٩٨٧)، فإن العمل في مؤسسات التعليم لم يكن كاملاً ولم يكن شاملاً بل وصل حجم التعليم الديني (منبت الصلة بعقلية التقدم والحداثة) في بلدان حاكمة مثل تركيا ومصر ما بين ١٥% و٢٠% من أبناء وبنات المجتمع المنخرطين في العملية التعليمية.
وفى اعتقادي أنه رغم صعود موجة الرجوع للأصول والجذور، فإن الوضع العالمي وحركة التاريخ هي في صالح القيادات السياسية وقيادات المجتمع المدني والنخب المثقفة وقيادات التعليم والإعلام المؤمنين بالتقدم، وسيكون بوسع هؤلاء في ظل هذه الظروف العامة أن يبذروا بذرة الإصلاح في أرض التعليم بوجه عام والتعليم الديني بوجه خاص.
رابعاً: إصلاح المؤسسات الدينية لا تجاهلها
إن متابعتي لأحوال المجتمعات الناطقة بالعربية الثقافية لقرابة أربعين سنة تجعلني أقرب إلى اليقين بأن تجاهل الدين (ناهيك عن تجريحه بأقلام وألسنة أشخاص يحركهم الغضب وليس العلم) هو موقف لن تكون له أي ثمار إيجابية. فالدين جزء أساسي من الهواء الذي تتنفسه شعوب منطقتنا الناطقة بالعربية.
ومن الأجدى العمل على إصلاح المؤسسات الدينية والثقافة الدينية والتعليم الديني والتعليم بوجه عام عن الدخول في مبارزة «دون - كيشوطية» لن تكون لها آثار إلا فقدان الجماهير وتباعدهم. وهنا تكمن خطورة مجموعات من المثقفين العرب جعلوا مهمتهم الأولى الهجوم العاتي على الدين وليس العمل على إصلاح فهم الناس له.
__._,_.___
mardi 12 octobre 2010
ضـي الهـلال حـين يحضـن الصـليب
بقلم: د. وحيد عبد المجيد
لم يمض قرن واحد علي تبلور الهوية الوطنية المصرية، ووضع خط واضح يميزها عن الهوية الدينية إسلامية ومسيحية، حتى دار بعض المصريين علي أعقابهم مرتدين إلي زمن سبق رسوخ فكرة مصر للمصريين التي ظهرت قرب نهاية القرن التاسع عشر.
فقد أخذ ثقل الانتماء الديني يزداد باطراد منذ بداية سبعينيات القرن الماضي إلى أن بلغ اليوم مبلغا يدفع إلي الخوف ويفرض قرع أجراس الإنذار بأعلى صوت.
فكثير من المصريين الآن يعتبرون أنفسهم مسلمين أو مسيحيين قبل كل شيء. هويتهم الدينية طاغية. وإذا رتبنا أولوياتهم من زاوية شعورهم الحقيقي بالانتماء، نجد الدين في المرتبة الأولي، ويأتي بعده الانتماء الجغرافي الضيق إلى المكان الذي نشأ فيه المرء وهنا تتقدم المحافظة( سوهاجي أو قناوي مثلا) علي المنطقة الوسع( صعيدي في هذه الحالة).
اما الهوية الوطنية التي ناضلت أجيال لتأكيدها فقد صارت في المؤخرة، دون أن يعني ذلك فقد الشعور الوطني لان خلطا معيبا يشيع ويدفع إلى الاعتقاد في أن المصريين لم يعودوا وطنيين.
فالشعور الوطني لا يبارح الإنسان ـ أي إنسان في عالم اليوم بعدما يقرب من أربعة قرون علي ظهور دولة الوطن( الدولة القومية) فالهوية الوطنية والشعور الوطني ليسا مترادفين، ولا هما متطابقين، ولذلك تتراجع الهوية الوطنية حين تطغي عليها هوية فرعية أو أكثر( دينية في حالة مصر الآن) بينما يبقي الشعور الوطني كامنا يظهر في لحظات معينة ظهورا ايجابيا( في مواجهة إسرائيل مثلا) أو سلبيا( الجزائر في مسابقة لكرة القدم علي سبيل المثال) حسب مجريات الأحداث.
وهذا هو ما يحدث الآن وينطوي علي خطر عظيم. لم يعد كثير من المصريين يتصرفون باعتبارهم مواطنين تجمعهم هوية وطنية. فقد تداعت هذه الهوية بفعل تفاقم أزمة الوطن الذي تنسب إليه وتقترن به فالهوية الوطنية تنتعش حين يكون الوطن محلا للسعادة المشتركة عليا للنحو الذي تمناه رفاعة رافع الطهطاوي قبل ما يقرب من قرنين. فإذا لم يكن الوطن كذلك، تضطرب الموازين المتعلقة بالهوية فيه. وعندئذ قد يصير الحديث عن دولة مدنية ضربا من خيال أو إبحارا في عالم الآمال.
ولا يغرنك حجم المساحة التي يشغلها الكلام عن الدولة المدنية في الخطاب السياسي والثقافي، فهذا زمن العلاقة المعكوسة بين الشعارات والحقائق،وبين الكلام والفعل. وربما هذا يفسر لماذا لم تصبح المواطنة نصا دستوريا إلا عندما كفت عن أن تكون حالة واقعية، أو كادت، فقد الحق مبدأ المواطنة بالمادة الأولى في الدستور ضمن التعديلات التي أقرت عام2007، أي في الوقت الذي كانت الهوية الدينية قد بلغت مبلغها الذي اضعف الهوية الدينية وما يقترن بها من مقومات.
ويحدث ذلك في حياة الناس اليومية علي الأرض، وليس فقط في قنوات تليفزيونية تبث التعصب الديني في الفضاء فما ازدياد هذه القنوات عددا وتطرفا إلا نتيجة ما يحدث في الواقع المعاش. فالتوتر الكامن في العلاقات بين كثير من المسلمين والمسيحيين أصبح أكثر وضوحا من أي وقت مضي، وأشد خطرا من أن يمكن إغفاله أو التهوين من شأنه. فلم يكن متخيلا قبل ثلاثين عاما علي الأكثر أن تصبح القطيعة هي السمة الغالبة في العلاقات بين مسلمين ومسيحيين يجمعهم الجوار في السكن أو العمل أو الدراسة. ولم يكن متصورا أن تصير المعاملات الطبيعية بين مسلمين ومسيحيين استثناء من قاعدة عامة، أو تكاد تكون كذلك.
فلم يكن في إمكان أي خيال، مهما يشيد به الجموح، أن يبلغ المبلغ الذي يجعله يتخيل مشهد مصريين يتظاهرون من أجل أسلمة امرأة أو تنصير رجل، ورجال دين وفقهاء يصبون زيتا علي نار يلعبون بها.
ويثير هذا كله السؤال عما إذا كان النيل قد كف عن أن يسري بالطريقة نفسها في عروق بعض المصريين، بخلاف الحال حين غنينا مع الفنان البديع الراحل عدلي فخري ما كتبه الشاعر الكبير سمير عبد الباقي في قصيدة ( شراع السفينة. كنا نغني من قلوبنا مسلمين ولا نصارى.. في عروقنا بيسري نيلك.
ونفيض حماسا عندما يتجسد الصدق في صوت عدلي فخري:
بأحب صوت الكنايــس
واعشـــــق هــديل الآدان
يا قلبي كون ألف فارس
تحـرس عشــوش اليمام
كانت هذه هي مصر فعلا حثي ذلك الوقت في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وكنا نظن أن وحدتنا أقوي من أن تجرفها فتنة بدأت إرهاصاتها في تلك المرحلة نشازا غريبا ملفوظا.
غير أن خطر هذه الفتنة يتعاظم الآن، وسيبقي هذا الخطر فوق رؤوسنا إلي أن تعي الأجيال الجديدة أن العمل من أجل مصر التي يحلمون بها يبدأ بتكاتف محبيها من مسلمين ومسيحيين، وليت الأكثر وعيا في هذه الأجيال يعيدون قراءة أغانينا الوطنية الأشد إلهاما في هذا المجال وينشدون منها مثلا:
اخضرت بعروقنا فدان من فدان
لا هلال عاشها لوحده ولا عاشها الصلبان
فلم تكن شراع السفينة أغنية للوحدة الوطنية، بل من أجل الوطن وتحرير سيناء التي كانت تحت الاحتلال الصهيوني، ومع ذلك، فقد بدت كما لو أنها مكتوبة بحروف الوحدة الوطنية ومغناة بلحنها، ولم يكن تجسد هذه الوحدة في مؤلفها المسلم ومغنيها المسيحي إلا مصادفة هي خير من أي ترتيب يحدث مسبقا للتعبير عن هذه الوحدة، فالمؤلف المسلم والمغني المسيحي مصريان، وكذلك كل من تفاعلوا مع الأغنية ورددوا معهما:
شــيلنا زعف النخــل
شيلنا فانوس رمضان
كلنا الكحـــك بســـكر
والبيـــــض الألـــــــوان
وغطسنا في غطاسها
وقـــرينـــــــا القـــــــرآن
ودوقنا عيـش الرحمة
في النص من شــعبان
يا خــوفي من التوهــة
في بحـــور النســـيان
وهل من خوف أكثر مما قد يترتب علي توهة هذه الأيام ونسيان أننا تلاحمنا وتعانق هلالنا وصليبنا في الأحزاب قبل الأفراح. علي النحو الذي تصوره الأغنية ببلاغة وبساطة في كلماتها:
ضي الهلال الحزين طول عمره حضن الصليب
والحزن له بلدنا قصة طويلة حزينة
نحكيها ولو ألف مرة للريف وأهل المدينة
فيا شباب مصر احكوا قصة هلالها وصليبها مليون مرة، ليس ألفا، إلي أن تبتعد الفتنة المرة.
lundi 11 octobre 2010
«Les musulmans refusent que nous existions en Egypte» - Libération
مقال نشر بجريدة الليبيراثيون الفرنسية
«Les musulmans refusent que nous existions en Egypte» - Libération
«Les musulmans refusent que nous existions en Egypte» - Libération
dimanche 10 octobre 2010
Le pape a ouvert le Synode pour le Moyen-Orient - Religion - la-Croix.com
قداسة بابا روما يفتتح سنودس الشرق الاوسط في روما
Le pape a ouvert le Synode pour le Moyen-Orient - Religion - la-Croix.com
Le pape a ouvert le Synode pour le Moyen-Orient - Religion - la-Croix.com
أخى المسيحى.. نحن ضحايا١٠/ ١٠/ ٢٠١٠
أخى المسيحى أنا وأنت كبشا فداء.. أنا وأنت نعانى معا ونقاسى معا.. أنا وأنت تلهب ظهورنا أسواط القهر والظلم معا.. أنا وأنت نكتوى بنار الغلاء الذى لم نشاهد له مثيلاً.. أنا وأنت نعيش زمن كيلو الطماطم بعشرة جنيهات.. أنا وأنت نعيش زمن الفساد والإفساد.. أبناؤنا معا يقاسون من تعليم فاشل.. مرضانا معا يعانون علاجا قاصرا.. بلاوى العيشة المرة تطالنا معا.. أنا وأنت متجاوران فى طابور الخبز.. أنا وأنت نعانى الزبالة.. وقلة الحيلة أمام ارتفاع الأسعار.. أنا وأنت نسينا الفاكهة وعلى وشك نسيان اللحوم والأسماك لقلة ذات اليد.. أنا وأنت نتحاشى مواجهة أبنائنا لعجزنا عن تلبية طلباتهم، وهل هناك أقسى من ذلك؟
وعندما يشعرون بأن الأمور زادت على حدها وفى طريقها للانفجار، يدفعون رجالهم بكلمة من هذا الجانب، ورد من الجانب الآخر لافتعال مشكلة تغطى على ما نحن فيه من مشاكل حقيقية، لا يهمهم إحداث فتنة بيننا ولا وقيعة، المهم خلق مشكلة يتلهى بها هذا الشعب المغلوب على أمره، وينسى المصائب التى نعيشها سويا.. أنا وأنت يا أخى المسيحى.. تعال هذه المرة لا نبلع الطعم، ونفوت عليه لعبة كل مرة، فقد عشنا معا مثالا للمحبة والأخوة، لم نكن نعرف مَن منا المسيحى ومن المسلم،
هكذا كان الحال فى مصر على مر الزمان.أخى المسيحى اشرح لأبنائك وأحفادك من أجيال هذا الزمان الفاسد كما أفعل أنا المسلم.. اشرح لهم هذه اللعبة التى تتم حالياً وذكرهم بزماننا الجميل الماضى الذى كان جيراننا المسيحيون فيه يصنعون الكحك والبسكويت احتفالا معنا ومحبة لنا فى عيد الفطر للمسلمين، بل منهم من كان يصوم معنا يوماً أو اثنين من رمضان محبه وإعزازاً، وكان الله فى عون هذا الوطن وحماه ممن ينفذون أجندات عالمية أو إقليمية من كلا الجانبين المسيحى والمسلم لتمزيق هذا الوطن ولكن هيهات، فهذا الشعب وهذا الوطن بدعوة محمد (صلى الله عليه وسلم) وعيسى (عليه السلام) مبارك ومصون ومحفوظ بإذن الله، وفى رباط إلى يوم القيامة.
وعندما يشعرون بأن الأمور زادت على حدها وفى طريقها للانفجار، يدفعون رجالهم بكلمة من هذا الجانب، ورد من الجانب الآخر لافتعال مشكلة تغطى على ما نحن فيه من مشاكل حقيقية، لا يهمهم إحداث فتنة بيننا ولا وقيعة، المهم خلق مشكلة يتلهى بها هذا الشعب المغلوب على أمره، وينسى المصائب التى نعيشها سويا.. أنا وأنت يا أخى المسيحى.. تعال هذه المرة لا نبلع الطعم، ونفوت عليه لعبة كل مرة، فقد عشنا معا مثالا للمحبة والأخوة، لم نكن نعرف مَن منا المسيحى ومن المسلم،
هكذا كان الحال فى مصر على مر الزمان.أخى المسيحى اشرح لأبنائك وأحفادك من أجيال هذا الزمان الفاسد كما أفعل أنا المسلم.. اشرح لهم هذه اللعبة التى تتم حالياً وذكرهم بزماننا الجميل الماضى الذى كان جيراننا المسيحيون فيه يصنعون الكحك والبسكويت احتفالا معنا ومحبة لنا فى عيد الفطر للمسلمين، بل منهم من كان يصوم معنا يوماً أو اثنين من رمضان محبه وإعزازاً، وكان الله فى عون هذا الوطن وحماه ممن ينفذون أجندات عالمية أو إقليمية من كلا الجانبين المسيحى والمسلم لتمزيق هذا الوطن ولكن هيهات، فهذا الشعب وهذا الوطن بدعوة محمد (صلى الله عليه وسلم) وعيسى (عليه السلام) مبارك ومصون ومحفوظ بإذن الله، وفى رباط إلى يوم القيامة.
مهندس أحمد صالح- وكيل وزارة سابقا
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=272749&IssueID=1919
vendredi 8 octobre 2010
الكلمات الرقيقة داخل الأسرة
الكاتب: مارثه ميخائيل
نحن في احتياج أن نعرف أن • الكلمات الرقيقة هى إحدى لغات الحب.
• أن لكل إنسان لغة يفهم بها أنه محبوب من الآخر سواء كان (الزوج - الزوجة – الأبناء)، من بينها الكلمات الرقيقة.
• الكلمات الرقيقة الصادقة تستطيع أن توصل الحب للآخر، وتساعده على النجاح في الحياة.
يقول الكتاب المقدس أن "الموت والحياة في يد اللسان" (أم 18: 21) فهل يوجد كلام عندما يسمعه الإنسان يموت؟ وكلام عندما يسمعه يحيا؟ فما هي هذه الكلمات التى تؤدى إلى الموت بالإنسان؟ وما هي الكلمات التي يسمعها الإنسان فيحيا؟
سوف نترك لكم التفكير في إجابة هذا السؤال...
أولاً: قبل أن نتكلم عن الكلام الرقيق والحلو نحتاج أن نتعلمه ونمارسه، جميل للإنسان الذى يقول كلام يعبر عن مشاعره وليس عكس ذلك، وفي أحيان كثير نقول كلام جميل وحلو ولكن نغمة الصوت تعطي معنى آخر. وفي العادة يفسر شريك الحياة / الأبناء الكلام على حسب نغمة الصوت.
ثانياً: كيف نعبر عن مشاعرنا وتقديرنا لشريك الحياة أو لأبنائنا أو للآخرين؟ فما هو الأسلوب الذى يساعدنا على ذلك؟
أننا في كل صباح ومساء نصلي "أبانا الذي في السموات.... أغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا..." نحن نطلب المغفرة من الله مقابل أننا نغفر للآخرين. فهل عندما يخطئ الزوج أو أحد الأبناء وجاء من أجل الاعتذار نغفر له؟ أما ماذا نقول...؟!
• كلمات عدم المحبة [أنا لا أقدر أن أصدق أنك فعلت هذا - لاشك أنك غير مدرك لمقدار ما آذيتني - يجب عليك أن تزحف على ركبتيك لترجوني أن أسامحك -..... ]
• كلمات المحبة [ أنا أحبك – أنا لن أسمح لما حدث أن يقف حائلاً بيننا - أنت لست مذنباً لأنك أخطأت فأنت شريكي ونحن سوف نبدأ معاً من جديد -.... ]
لكل إنسان منا ضعفاته، ويحتاج إلى مَنْ يمسك بيده لكي يثق في نفسه. تذكر قصة حدثت في الغرب أن "أليس" وهي أم لطفلين قالت: "أتذكر كيف كانت أمي تتحدث عن جمال شعري الأحمر. فتعليقاتها الإيجابية وهى تمشط شعري قبل الذهاب للمدرسة كانت جزءاً دائماً من وعيي بذاتي، وبعد عدة سنوات حينما اكتشفت إن ذوات الشعر الأحمر أقلية، لم تنتابني مشاعر سلبية نحو شعري الأحمر. أنا واثقة أن تعليقات أمي الرقيقة كان لها دور كبير في ذلك" هذه الأم استطاعت أن تعطي ابنتها الثقة في نفسها لان لون شعرها مختلف عن باقي شعر الأطفال وكان ممكن أن تشعر الابنة بالنقص لأنها مختلفة.
أما في الحياة الزوجية:
قد يجد الإنسان أن شريك حياته له ضعفاتًُ أياً كانت سواء كان اكتشفها أثناء فترة الخطوبة، أم بعد الزواج وهناك احتمال أن هذا الشريك لا يثق في نفسه ويشعر بأنه أقل أو مختلف عن الآخرين، فيستطيع الشريك الآخر بكلمات المحبة أن يساعده على قبول هذه الضعفات، ويسترد ثقته بنفسه مرة أخرى. والعكس صحيح.
في أوقات كثير يحتاج الإنسان [الزوج – الزوجة- الأولاد] أن يسمع كلمات مدح من الذين يحيا بينهم لكي تساعده على تحقق إنجازات أكثر.
بالنسبة للزوج: أحياناً يحتاج لكلمات المدح من الزوجة على الأعمال التي يقوم بها داخل أسرته مثلاً عندما يقوم الزوج بتحديث شيئاً بالشقة، أو اشتري شيئاً جديد لأسرته.
بالنسبة للزوجة: هي أيضاً تحتاج أن تسمع كلمات مدح من زوجها أو أولادها على أي شيئاً تقوم به من أجل أسرتها سواء عمل أكلة جديدة أو تجديد نظام ترتيب الأثاث بشكل جديد.
بالنسبة الأولاد: هم أيضاً يحتاجوا إلى سماع كلمات المدح من الأب أو الأم على كل تصرف حسن.
ملاحظة: إن المدح الجزافي المتكرر من غير مناسب يأتي بنتيجة عكسية، بمعنى إنه لا يواصل الحب للأبناء.
في كثير من المواقف يحتاج الإنسان إلى سماع كلمات تشجيع من الذين يحيا معهم من أجل الاستمرار في ممارسة هذا السلوك - معين- أو نشاط مثلاً:
تأمل ما قاله أب لابنه البالغ من العمر 6 سنوات: "يا جون لقد لاحظت الليلة بعد المباراة أنك كنت تستمع إلى "بيتر" وهو يشارك بمشاعره عن المباراة كنت فخوراً بك، لأنك أنصت إليه بتركيز، رغم أن الآخرين كانوا يخبطونك من الخلف فالإنصات إلى الناس يعتبر أعظم هدية تقدمها لهم"... نلاحظ أن هذا الأب يرغب في تنمية فن الاستماع والإنصات لدى ابنه.
إن الهدف من التوجيه ليس إظهار الوالدين أو أحد البالغين بمظهر حسن، بل مساعدة الطفل على تنمية السمات التي تخدمه في حياته المستقبلية من خلال كلمات التشجيع والمدح على التصرُفات الايجابية، وتوجيهه على التصرُفات السلبية بطريقة إيجابية (أنظر الموعظة على الجبل مت 5- 7).
تدريب:
يمكن لكل زوج و زوجة أن تحتفظ بمفكرة وتجعل عنوانها "كلمات رقيقة (لطيفة)" وتدوين بها أي كلمات لطيفة تسمعها بين أي زوجين أو بين أب/ أم مع أبنائها سواء كانت من أجل المدح أو التشجيع... أخرى، وأي كلمات لطيفة تجدها في أي مقالة أو كتاب، وتحاول بعد ذلك تردد هذه الكلمات أمام المرآة من أجل التعود على استخدمها مع أفراد أسرتها في المواقف المناسبة.
وإذا وجدتي إنكِ تعودي مرة ثانية إلى أسلوبك القديم المتسم بكلمات النقد والدينونة، عبري لزوجكِ / أبنائكِ عن أسفكِ، وأنكِ قد لاحظتي أن الكلمات جارحة، وأن ذلك لا يعكس ما تشعرن به نحوهم. أسالي الغفران. وأخبرهم أنكِ تحاول أن تكوني أفضل، وأنكِ تحبهم محبة عميقة وتريدي أن توصلي هذه المحبة لهم بشكل أكثر فعالية. ومع الوقت سوف تقدري على كسر العادات القديمة وتكوين عادات جديدة
Inscription à :
Articles (Atom)